عجز الوزراء يدفع بالمحتجين نحو الرئاسة”
قررت مصالح رئاسة الجمهورية عدم استقبال أي شكاوى أو ملفات احتجاجات للجبهة الاجتماعية، بعد تزايد عدد التجمعات والمسيرات نحو مقرها بالمرادية. وأعطى الوزير الأول، أحمد أويحيى، تعليمات بتكفل كل قطاع وزاري بمشاكل وانشغالات فئاته العمالية.
توقفت مصلحة ومكتب العلاقات العامة برئاسة الجمهورية عن استقبال ”رسائل الشكاوى” و”ملفات المحتجين” و”لوائح الطبقات العمالية” و”طالبي السكن” بشكل رسمي، بداية من الأسبوع الجاري. وأعطيت تعليمات بتوجيه كل الراغبين في إيداع شكاويهم ورسائلهم إلى رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، والوزارات المعنية. وكانت أول فئة منعت من تقديم ”رسالتها المفتوحة لرئيس الجمهورية” التكتل المستقل للأطباء المقيمين والمحتجون على قوائم السكن الاجتماعي في كل من المرادية والمدنية، حيث أخبر هؤلاء بأن ”عليهم التوجه إلى الوصاية التي يتبعون لها”.
وأوضحت مصادر ”الخبر” بأن القرار يأتي بالموازاة مع تعليمة أصدرها الوزير الأول، أحمد أويحيى، تقضي بأن ”يلتزم كل قطاع وزاري بامتصاص غضب فئاته العمالية واستقبال شكاويهم وفتح المجال للحوار”.
وأعطيت تعليمات صارمة بعدم غلق مكاتب التنظيم لاستقبال كل الشكاوى والملفات، والرد على أصحابها في وقت قياسي، وفتح الحوار مع ممثلي النقابات المستقلة وممثلي الفئات العمالية والاجتماعية المحتجين.
وكانت الاحتجاجات، التي لم تهدأ منذ مطلع السنة الجارية، بسبب مشاكل الأجور ونظام التعويضات والتثبيت في المناصب، أدت إلى تزايد عدد المسيرات والتجمعات نحو مقر رئاسة الجمهورية، حيث بلغ عددها حوالي 85 مسيرة وتجمعا. وأكدت الناطقة الرسمية باسم المجلس الوطني للأساتذة المتعاقدين، مريم معروف، بأن عدد الاعتصامات والتجمعات التي قادها الأساتذة المتعاقدون، قبل صدور قرار تثبيتهم في مناصبهم، بلغ 25 تجمعا، ويأتي في ثاني مرتبة الأطباء المقيمين والأساتذة المستخلفين والجنود الاحتياطيين وغيرهم من الفئات العمالية.
الباحث الاجتماعي الدكتور ناصر جابي لـ”الخبر”
”عجز الوزراء يدفع بالمحتجين نحو الرئاسة”
أوضح المحلل وأستاذ علم الاجتماع، الدكتور ناصر جابي، بأن ظاهرة الاعتصام والمسيرات نحو رئاسة الجمهورية تبررها مركزية القرار في الجزائر. وأضاف المتحدث، في تصريح لـ”الخبر”، بأن ”عجز الوزارات عن حل مشاكل المحتجين يدفعهم نحو مقر الرئاسة كملجإ أخير”. وأكد المتحدث: ”دراستنا للحركات الاحتجاجية في السبعينات والثمانينات تبين بأن القرار لا يزال مركزيا”. وتابع: ”الكل يريد إسماع صوته لرئيس الجمهورية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالزيادة في الأجور وإصدار القوانين الأساسية والتنظيمية”. وأضاف المحلل وأستاذ علم الاجتماع: ”الجزائريون يكتشفون يوميا بأن القرار مركزي، وحله يجب أن يكون في نفس المستوى”. وأمام هذا ”تكون الحركة الاحتجاجية حادة، وتكون المطالب نوعية وتمس فئات شاسعة، فيحس هؤلاء بأن الوزير تتجاوزه الأمور وغير قادر على حل المشكل أو اتخاذ القرار”. الأكثـر من هذا، فإن ”الفئات المحتجة تلجأ، عندما تصل الأمور مرحلة المفاوضات، إلى الرئاسة من أجل الحصول على قرار لا رجعة فيه”. ومع أن الاحتجاجات والمسيرات التي قادها الأساتذة والأطباء وطلبة الجامعات، منذ بداية السنة، تمركزت نحو قصر المرادية، فإن ”ما حدث جديد في الشكل وليس في العمق”، على حد تعبير الدكتور ناصر جابي، خصوصا أن القرار في نهاية الأمر مركزي ورئاسي وحتى رئيس الحكومة أو الوزير الأول ليس له القدرة على اتخاذ القرار.