التضحية فداء مناسب في سبيل هدف قيمي سام , هي إقدام بالشجاعة المطلوبة دون تراجع لتحقيق الهدف الذي نؤمن بواجب انجازه مع تعين الظرف واللحظة . ويتعين مستوى التضحية بالقدر الكافي لتحقيق الهدف . في العمل النقابي تبدأ التضحية بمستواها الابتدائي الأول بقرار الانخراط في النقابة , أو في اللجنة النقابية ، كانخراط في العمل الجماعي التطوعي المنظم ، بما يحمل ذلك من التزام بأهداف العمل النقابي كخدمة عامة , وبموجبات العمل الجماعي كبديل للعمل الفردي , وبإضافة قيمة جهديه أخرى تشكل رفدا للعمل النقابي الجماعي . الانخراط في العمل النقابي القائم على الالتزام بأهدافه ، تضحية ابتدائية أولى ، لكنها أساس للتضحيات الأخرى الواجبة للتعبير عن الاستمرار بالالتزام الصادق , ذاك أن كل التزام صادق له تعبيراته وتجلياته في ساحة العطاء اليومي ، فطبيعة العمل النقابي وماهيته أن يكون في حراك يومي ، والحضور الصادق فيه يتطلب الموقف الجريء, والصوت العالي في طلب الحق ورفض الظلم ، ويتطلب الوقت والجهد والمثابرة والثبات على الموقف ، ودفع الثمن مهما غلا . سهرا وتعبا وغياب عن أحبة وربما مالا وتضييقا ونزولا إلى الشارع ونوما فيه, ومطاردة واعتقالا ومحاكمة وحتى سجنا في سبيل تحقيق الأهداف. وكم هي متلازمة عملية تحقيق الانجازات الكبرى مع مستوى التضحيات المبذولة , فالتضحية بساعة من الوقت للمشاركة باجتماع نقابي لا ترقى بانجازها إلى مستوى التضحية بليلة أو ليلتين تنامهما في خيمة الاعتصام أو على قارعة الطريق أو في غرفة التحقيق طلبا لحق أو دفاعا عن حق , إن تضحيات النقابي تتدرج بحسب استعداداته وقابلياته الشخصية , وبحسب مرتكزاته الثقافية والتربوية والأخلاقية ، وبحسب قوة وصدق التزامه بالعمل النقابي الحق , ومن جملة التضحيات التي يقدمها يأخذ النقابي صدقية وشرعية موقعه , بل وحب القواعد له , وثقتهم به والتفافهم حوله. إذا كنا لا نرى هذا المستوى من الأداء والالتزام والتضحية والاستعداد للتضحية في ساحة نقابية أو موقع نقابي ما، فإننا نتوق ونعمل لكي نراه , ولا نسقطه من ثقافتنا, ومن معايير تقييمنا ورؤيتنا للعمل النقابي ودوره ووظيفته وأساليب عمله وأدواته . للعمل النقابي الحق في أن يدرك القائمون به أن ساحاته المطلبية ليست صالونات التداول وقصور الحكام فقط , بل إن ساحات النضال والكفاح والجهاد المر، هي ساحات الحسم التي يجب أن نرتادها عندما توصد ألأبواب ، يبدأ العمل النقابي المطلبي بالحوار والنقاش والتداول والدراسة والمراسلة والوقوف أمام الكاميرات والجلوس على طاولات الندوات ومقاعد المؤتمرات ,لكنه لا ينتهي هنا ، فهذا جهد مطلوب وتضحية مطلوبة, لكن العاقبة في الوصول الى الهدف, فاذا تطلب تحقيق الهدف التضحيات الأخرى فلا بد من أدائها بمختلف مستوياتها .
الرئيسية 
