خصائص علوم التسيير :
لا نريد أن نضبط في هذا العنصر الخصائص العامة والخاصة لمفهوم عملية التسير، لأن ذلك يتطلب منا التعمق في دراسة أسس الاقتصاد الجزئي ومما هو معروف ، فإن للقيادة دور كبير في الأخذ بزمام المؤسسة إلى تحقيق الأرباح ، لهذا فإن الخصائص التي سوف نعرضها نناقشها من الوجهة السيكولوجية حتى نقرب المفهوم الضمني للقيادة :
أ- الاستراتيجية :
نعني بها الوسائل البديلة لتحقيق الأهداف المسطرة وهي الطريقة التقديرية المثلى لرسم مستقبل المؤسسة ، لأن فيها تتحدد كل الخطوات العملية التي من شأنها تحقيق كفاءة إنتاجية وتبرز ثقافة المسير العلمية خاصة وأن المؤسسة تقوم بوظيفة إجتماعية مفادها تحقيق إحدى عناصر السياسة العامة بتحسين الإطار المعيشي فكل مسير يقوم باختيار استراتيجية أي وضع الترتيبات الأولية مثلها مثل اختيار نوع الحجارة الصلبة الموجهة لبناء عمارة من 03 طوابق أو من طابق واحد وهي المعروفة بلوحة القيادة لتنفيذ المشروع،
وهذا لا يأتي إلا بالوسيلة التي يضعها المسير للتنسيق بين جميع العاملين سواء داخل المصنع أو خارجه حسب مقتضيات النظام الهيكلي وتعتمد الاستراتيجية على بعض المناهج منها:
• التخطيط : حين تكلم المفكر الاقتصادي مالك بن بني عن مشكلات الحضارة و الأفكار لم يكن يقصد أفكار أدبية بل أجمع كل الأفكار في فكرة واحدة وطلب حراستها، فقد ذكر بأنه من الخطر أن نترك فتاة تسير لوحدها في الليل وأحيانا حتى في النهار كذلك من الخطر أن نترك فكرة لوحدها وقد وافق رولان رومان نفس الطرح حين قال أنه لا يكفي أن نبدع فكرة بل يجب أن نؤمن لها الحياة "11" وهذا التامين لا يأتي إلا بالتخطيط في جميع شؤون المؤسسة .
11- مالك بن نبي – باملات – دار الفكر العربي 1991
إن التخطيط يشمل كل الفروع التي لها علاقة بالمؤسسة داخليا وخارجيا والمسير الناجح ، هو الذي يتعامل مع جميع الظروف التي لها علاقة بمحيط المؤسسة، فهناك داخل المؤسسات مجموعة من العناصر العامة والخاصة كالرواتب وتسديد الفوائد والضرائب واشتراكات الضمان ، التكوين ، السوق ،إذ يجب وضع أسس تخطيطية تسعى إلى ضمان كل عنصر من المجموعة في سبيل إحقاق كفاءة إنتاجية للمؤسسة ، مع الأخذ بعين الاعتبار مشكلات الاتصال المؤسساتي وتنظيمات السياسة العامة حتى لا يمكن التخطيط خارج الإطار العام لأن المرور في هذا المسعى هو بطبيعة الحال الحكم على المؤسسة بالفشل أو الحل .
واستراتيجية التخطيط تعتمد على عنصر العقلانية المضبوطة في تسير كل الشؤون داخل المؤسسة منها توفير الميزانية اللازمة لتسير المشروع المخطط له وتكون العقلانية معيارا ثابتا في هذه الحالة كالإسراع في الإنجاز قبل إرتفاع الأسعار .
ب الأهداف :
هي ترجمة السياسة المنهجية إلى عمل ميداني واقعي وهذا العمل هو الذي تم التحضير له بإستعمال وسائل التخطيط ، التي تشمل تحقيقه بصورة منفردة أو جماعية ، وماهومعروف أن تسطير الأهداف ينطلق من الوضعية الحالية التي من خلالها تنطلق عملية صناعة الهدف ونقصد بصناعة الهدف الآجال ، حيث تعتبر ذات أهمية قصوى غير أن عامل التسير الإداري لا يعطي عناية ذات أهمية بالنسبة للوقت فقد يتحقق الهدف أن أجلا أم عاجلا .
ومن ناحية أخرى فإن دراسة التكاليف المالية يعد من قبيل الأهداف المركزة لانجاح الوسيلة بالوصول إلى تحقيق الهدف ولا يمكن أن يباشر كمسير عملية القيادة مالم يكن هناك إشراك للإدارة كجهاز وهيكل إداري لأنه يجب أن نعزل هدف الأفراد عن اهداف المنظمة ،فلكليهما مجال خاص به كأن يطمح رئيس مكتب معينا حديثا في مصلحة إدارية كبيرة الى تغير طريقة استقبال الأفراد المتعاملين مع مصلحته، ويداوم على نفس المنوال الذي اقتنع به ، فحتما سيجد نفسه أمام نتيجة قابلة للتطور، لكنها تبقى بعيدة عن أهدافه الشخصية خارج إطار العمل .
فقبل الشروع في تنفيذ الخطة نلاحظ أن هناك عملية سبقت الأولى تسمى في علوم التسيير باختيار الاستراتيجية التي تبحث في سبب اختيار تلك الخطة ومعها انعكاساتها، حتى يتسنى تأسيس بنك شامل للمعلومات المطلوبة كأن يقوم بضبط منهجية الأولويات (المهم والأهم والأكثر أهمية) حتى يستطيع أن يتعامل مع الهدف بسرعة)
* العقلانية :
من دون شك لا يمكن إسناد مسؤولية لمركز القرار إلى شخص غير عاقل أو معتوه لأن عمليه تموقع القرارات تعد شائكة لإقترانها بعدة مبررات أو انعكاساتها وقبل البدأ في تفريق مواصفات العقلانية نشير إلى مستويات الانعكاس لارتباطها بنفس عنصر العقلانية فلا عقلانية من الأصل بدون معرفة الانعكاسات المختلفة ،فماذا نعني بالانعكاس ؟
الانعكاس هو محاولة التنبؤ العلمي لجميع المجالات والمؤثرات المحيطة بالقرار من بين هذه الانعكاسات:
-الإنعكاس السياسي :
على المسير أن يعرف ما إذا كان القرار سيحدث تأثيرا سياسيا على الجوانب الأخرى ، لأن هناك فروقات جوهرية بين المنتجات والخدمات ، وفي كل مرة عليه أن يكون على دراية مسبقة بالجماعة السياسية المحيطة بالعمل أو المشكلة داخل الوحدة الإنتاجية أو المصنع.
-الإنعكاس المالي :
حساب كل الموارد المالية التي سوف تترتب على اتخاذ القرار سواء تعلق الأمر بعزل موظف أو تأثر السوق من خلال الزيادة في الأسعار ……
-الإنعكاس الاقتصادي :
عليه ان يعي ما مدى تأثير الطريقة المعتمدة في التسيير على الجانب الاقتصادي ، وهذا يتم بالتساؤل عن جميع الموارد المستعملة بصفة محكمة .
بمعرفة الانعكاسات يكون المسير الناجح قد حكم العقل بمراعاة كل الانعكاسات التي قد تؤثر من بعيد وقريب ومثل هذه العقلانية تتجسد أكثر في النواحي المالية للمؤسسة أو الهيئة الإدارية ، و المسير مطلوب منه أن يعي بأن هناك مجموعة من المتدخلين كالمتدخل السياسي ، المالي والاقتصادي والتقني وحتى المواطن الذي أصبح أكثر شعورا من ذي قبل بالدور المجاني للمرفق العام وخاصة في ظل تطور مبدأ الديمقراطية وحرية التعبير.
فلا يمكن أن نستثني من المتدخلين أحد لأن لكل واحد مصلحة وعلى المسير الناجح أن يتعرف على ضوابطها وبالتالي يكون قد أعطى مفتاحا خاص بعقلانية التسير التي تعني بصورة عامة الحكمة والروية في إتخاذ أي قرار .
ج- دور المسير :
للمسير دور كبير في نجاح المؤسسة او المرفق كما له عدة ادوار لاتتراءى الا بعد تجسيد السياسة العامة .
إذا كانت المؤسسة تعرف كمنطقة إقتصادية واجتماعية مستقلة نوعا ما ، تؤخذ فيها القرارات بغية تحقيق منفعة ، حسب الأهداف فإن المسير هو الروح الأساسية التي تجعل من الإدارة تتصف بالفاعلية والتنشيط بناء على قاعدة إرضاء الغالبية من الناس ، إذا كان المرفق عمومي وهذا الإرضاء ما هو في إلا سعي منفرد يبرز شخصية المسير في تطوير قاعدة الإنتاج و تحسين مستوى الخدمة العمومية .
إن هذا التحسن لايمكن أن يأخذ طريقه في الإتجاه المرسوم إلا إذا طبق القانون وفقا لقاعدة سيكولوجية الأفراد ، فهم يعلمون أن القاعدة القانونية لا يمكن الإستعلاء عليها كما لا يمكن تنفيذها قهرا وإلا أصبحت في نظرهم وجها للديكتاتورية .
وفي أغلب الأحيان يمكن أن ينفذ القانون بإحترام الإجراءات الخاصة بالوقت فمما هو معروف فإن الإجراء الإداري أي كانت صفاته يتصف بالتباطؤ إعتبارا لأرضية دراسة انعكاسات القرار كما أشرنا إليه سابقا.
ولا يعد ذلك إجراءا بيروقراطيا خاصة إذا ما كان الإجراء يهدف إلى إحداث تغير شامل فحتما سترافقه درجات أخرى من التغير خاصة إذا كان هدفه يتمثل في المحافظة على تكامل صورة المؤسسة وليس محاولة لإجراء تجربة ميدانية ،ولم تستبعد التجارب العلمية التي قام بها كل Moistein maix , Crozier . Alfred diamant القيام ببعض الخطوات منها إعداد Planinig قصير الأمد وداخله تدخر 30 إلى 40% من الوقت للأشياء الفجائية وقد لوحظ أن عمل يوم يتطلب 20% من الوقت للأشياء ذات القيمة.
فالمسير مهما كانت درجة دافعيته وثقافته يجب أن يعبر بداخله عن مخطط عمل ، يأخذ به كل المتداخلات الأخرى ذات التأثيرات الإيجابية ،وعليه أن يدرك تماما من خلال قيادته بأن هو الزر الأحمر المشغل للوحة القيادة ،فمن دونه لا يمكن أن تسير الحافلة .
crozier يري أن النموذج البيروقراطي يتفق مع الخصائص الثقافية التي تؤكد على صفة المنطقية راجع كتاب OP 4 - Feriel Heady ص 117
Alfred diamant .
تزول كل المؤسسات ، ولكن الإدارة تبقى والعمل في هذه الحالة بالنسبة لقاعدة التسير هو عمل مشترك بين جميع مستويات القيادة ، فكما هو معلوم فإن للمنظمة الإدارية وظائف تختلف حسب الأنشطة فهناك مثلا : بالنسبة للإدارة (مديرية ونيابة مديرية – مكتب –فرع – مصلحة) مع العلم لا يوجد فروقات بين الهياكل السابقة لكن دون نسيان أن تلك الهياكل تلعب أدوار مهمة منها :
* دور وظيفي : تتكفل بالعمل الروتيني التكراري مثال كيفية إنجاز جوازات السفر.
* دور عملي : تعنى بإنجاز المهمة التي تشكلت من أجلها
* دور إستشاري : تقدم إقتراحات للتحضير في اتخاذ قرارات مهمة
* دور المالي : تقدم معلومات ومعطيات تساعد على تطوير الإنتاج
وإذا أردنا في هذه الحالة إظهار من هو المسيرالحقيقي نجد أن الأمر قد يتعقد للبعض ويتبسط للبعض الآخر كيف ذلك؟
ولكن قبل معرفة من هو المسير نشير الى مفهوم الوظيفة بحسب vivien فإن الموظفون العموميون هم مواطنون ذوي سلطات ومعاونهم القائمين بإدارة الدولة وأموالها العامة .
إن هذا التعريف إنما يحدد مجموعة من الصلاحيات المخولة لهيكل معين يقوم بمجموعة من الأعمال لها تجانس عقلاني لإنجاز الهدف المخطط .
ولتعود الى تحديد المسير الحقيقي ، فنجد أنه يقترن بالوظيفة ، فقد ذكرنا سابقا ان مركز السلطة على مستوى أعلى هرم في المؤسسة ،هو مسؤول الزر الأحمر ،غير ان هناك أخرون موزعين على الوظائف ولا يشترط التميز بينهم في قواعد التسير المعروفة إلا بالقدر الذي تقرره الثقافة والمستوى العلمي ،
فالمسير أي كان هو جوهر عام من الثقافة يكتسبه الموظف من ممارسة مهارات آلت إليه عن طريق التجربة والمراس من خلال دوره في العلاقات بين الهياكل الداخلية والخارجية …