تعريف التسيير المالي والمادي
مقدمـــــة :
لا يمكن الحديث عن أي إصلاح حقيقي أو جودة فعالة ناجعة في مجال التربية و التعليم إلا إذا واكب نوعية في التسيير المالي و المادي لأنه لبنة أساسية في كل تغيير و تسيير و تنظيم إداري أو تربوي مهما كان نوعه مركزيا أو جهويا أو مؤسساتيا وهو كذلك تفعيل ميداني لكل المشاريع و الحاجيات قصد إنجاح العملية التربوية في أحسن الظروف الممكنة و المتاحة كما أن الجانب المالي و المادي هو الذي يشكل البنية التحتية لكل فعل تربوي .و في هذا الإطار فأن المقتصد في المؤسسات التربوية يتولي مهمة التسيير المالي والمادي وذلك بتوفير الظروف الملائمة للتمدرس باستعمال كل الوسائل المتاحة لديه المالية منها والمادية والبشرية وفق صلاحيات محددة تستدعي الإحاطة بكثير من المعلومات التي تدخل في مجال التسيير المالي والمادي
1. تعريف التسيير المالي والمادي
2.1 التسيير المالي: التسيير المالي يشمل كل العميات بدءا من إعداد الميزانية ثم تنفيذها بما تحتويه من إيرادات من جهة ومن نفقات من جهة أخرى مرورا بالعمليات الحسابية وكذا عمليات الخزينة المتمثلة في كافة حركات الأموال نقدا وحركات الأموال المرصدة في الحساب للخزينة ومسك الوثائق والسجلات المترتبة عنها من طرف الآمر بالصرف والمحاسب العمومي كل حسب صلاحياته وتخصصاته المخولة له قانونا تكريسا للمبدأ الأساسي والتقليدي الذي ينص على التكامل في المهام ما بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي والذي يعتبر أحد الركائز الأساسية للمحاسبة العمومية.
2.2 التسيير المادي: التسيير المادي يتمثل في المحافظة على أملاك المؤسسة وصيانتها واستغلال الوسائل المتوفرة بكيفية عقلانية بالإضافة إلى مراقبة المخازن والورشات والمخابر والمكتبة والتحقق من المواد والبضائع الموجودة والكمية المستعملة والحرص على نظافة المرافق والتأكد من شروط الأمن والوقاية ومتابعة عمليات الجرد بدقة واستمرار.
2.هدف التسيير المالي والمادي: يهدف التسيير المالي والمادي في مجمله إلى إبراز قدرة الفريق الإداري على توظيف جميع الإمكانات المالية والمادية لخدمة الفعل التربوي للمؤسسة والتحكم أكثر في تقنيات التسيير وحسن استغلال لجميع الإمكانات المتوفرة المالية منها المتاحة للمؤسسة وجعلها تخدم الفعل التربوي بحكم ان التسيير المادي هو التجسيد الميداني للتسيير المالي ويطلق عليه اصطلاحا الخدمة المؤداة
3.التسيير وتحرير المبادرة: يغلب نمط التسيير المعمول به حاليا صلاحيات الهياكل المركزية على حساب مبادرات الأطراف المعنية داخل المؤسسة التربوية فلا شك أن هذه الوضعية تنقص المبادرات وتؤثر سلبا على سير المؤسسة التربوية ومردودها التعليمي فمن المـؤكد أن تحرير المبادرات على مختلف المستويات واعتماد توزيع جديـد للأدوار وتشجيـع الابتكار والإبداع سيمنح لكل الأطراف المعنية الإمكانيات والأدوات الضرورية لممارسة مهامها على الوجه الأكمل لتحسين نوعية الخدمة التربوية وتحقيق فعاليتها. وعليه فإن المرونة كمبدأ موجه للتسيير في المؤسسة مع الأخذ بعين الاعتبار الإمكانات المتاحة لتحقيق الأهداف المسطرة.
4.التسيير المالي والمادي في ظل الإصلاحات: إن القرار رقم 291 المؤرخ في 17/06/2006 لاسيما المادة 9 منه تعدل أحكام المادة 31 من القرار 175 المؤرخ في 02/03/1991 و تحرر كما يأتي:
المادة : يقوم المدير بالتعاون مع الموظف المكلف بالتسيير المالي و المادي للمؤسسة بإعداد مشاريع الميزانية بما في ذلك تقريرات المصاريف التي تخصص لتنفيذ مشروع المؤسسة و يقدم بإلإشتراك معه الحساب المالي إلى مجلس التربية و التسيير و السلطة السلمية – و هذه المادة تبرز صراحة مدى العلاقة الوطيدة بين مشروع الميزانية ومشروع المؤسسة.
5. الإطار القانوني للميزانية في الإصلاح التربوي : إن مجموعة القوانين المنظمة للإصلاح التربوي قد أدرجت في طياتها تغييرات على التعامل مع الميزانية و تتمثل فيم يلي :
أ- المنشور رقم 153/وت و/أح/2006 المؤرخ في 05/06/2006 الذي يقضي بتفعيل العمل بمشروع المؤسسة و ينص على إدخال أساليب جديدة في التسيير .
ب ـ القرار رقم 17/ المؤرخ في 06/06/2006 المتضمن تأسيس مشروعي المؤسسة و المصلحة و تنظيم العمل بهما.
لاسيما المادة 04 منه و التي تنص على ضرورة العمل بمشروعي المؤسسـة والمصلحة و هذا في إطار الإعتمادات المالية و الوسائل المادية المخصصة للمؤسسة .
و من مبادئ المنظمة لمشروع المؤسسة ترقية الحياة المدرسية.
ج ـ القرار رقم 297 المؤرخ في 17/06/2006 المتمم للقرار رقم 176 والمؤرخ في 02/03/ 1991 المعدل والمتمم لمهام مدير مؤسسة التعليم الثانوي لاسيما المواد
*المادة 02: تعدل أحكام المادة 05 من القرار 176 المؤرخ في 02/03/1991 والتي تنص على ضرورة قيام المدير بتنشيط مختلف المصالح القائمة والتنسيق بينها سيما ما يتعلق بتنفيذ مشروع المؤسسة وتسخير الوسائل البشرية والمادية والمالية الموضوعة تحت تصرف المؤسسة في خدمة المصلحة العليا للتلاميذ
*المادة 03: التي تعدل المادة 07 من القرار 176 المؤرخ في 02/03/1991 والتي تحدد فيها مسؤولية المدير في إعداد مشروع مؤسسته وتنفيذه وتقييمه مع توفير الوسائل التعليمية وإستعمالها من طرف الأساتذة لتحسين نتائج التلاميذ لضمان المردود التربوي للمؤسسة .
* المادة : 07 التي تعدل المادة 17 من القرار 176 المؤرخ في 02/03/1991 تؤكد صراحة بأن التقارير اليومية التي يقدمها المقتصد أو المكلف بالتسيير المالي هي التي تساعد المدير على التأكد من التطبيق المرحلي لتنفيذ مشروع المؤسسة .
*المادة 10: التي تعدل المادة 31 من القرار176 المؤرخ في 02/03/ 1991 والتي تنص صراحة على ضرورة تخصيص مبالغ تقديرية لمصاريف تنفيذ مشروع المؤسسة عند إعداد مشروع الميزانية
د- القرار رقم 291 والمؤرخ في 17/06/2006 المعدل و المتمم للقرار رقم 175 المؤرخ في 02/03/1991 و المحدد لمهام مدير المدرسة الأساسية ولا سيما المواد :
*المادة 02: التي تعدل المادة 05 من القرار رقم 175 خاصة فيما يتعلق بتنفيذ مشروع المؤسسة وتسخير كل الوسائل .
*المادة03: التي تعدل المادة 07:من القرار 175 خاصة فيما يتعلق بتوفير الوسائل التعليمية وإستعمالها
*المادة 06: التي تعدل المادة 17 من القرار 175 خاصة فيما يتعلق باستثمار التقارير الخاصة بالمقتصد أو الموظف المكلف بالتسيير المالي لمتابعة التطبيق المرحلي لتنفيذ مشروع المؤسسة
*المادة 09: التي تعدل المادة 31 خاصة فيما يتعلق بتقديرات المصاريف التي تخصص لتنفيذ مشروع المؤسسة
6 – مخطط تنفيذ الميزانية: ما دام الإصلاح قد مس كل المكونات الأساسية للمنظومة التربوية من مناهج دراسية كتب إدخال البعد التكنولوجي, الاهتمام بتكوين العنصر البشري باعتباره أحد العوامل الأساسية في تجسيد الإصلاحات ومن خلاله أصبح لزاما على التربية أن تقوم بإدخال أساليب تسيير ناجعة مبنية على التخطيط العقلاني داخل المؤسسة وعلى العمل الجماعي الذي يجعل من كل فرد من أفراد الأسرة التربوية عضوا فاعلا يشارك في اتخاذ القرار ويساهم في تنفيذه أي بعبارة أخرى يلقي بمسؤولية النهوض بالمؤسسة على الجماعة التربوية ضمن مخطط تربوي متكامل واضح الأهداف ألا وهو مشروع المؤسسة.
1) تعريف مشروع المؤسسة :هو خطة تفرض نفسها بدافع الحاجة إلى الانتقال من وضع قائم إلى وضع مرغوب فيه وتتميز هذه الخطة بكونها متكاملة العناصر ومتناسقة تسعى إلى تحقيق الأهداف التي حددتها المؤسسة لنفسها وذلك بعد تشخيص محكم وضبط دقيق للإمكانيات المادية والبشرية وترتيب للأولويات مع مراعاة الوسط المدرسي والمحيط الخارجي.
2) المبادئ المنظمة لمشروع المؤسسة :
- وضع المتعلم في مركز العملية التربوية
- تحرير المبادرات وتحميل المسؤولية
- جعل المؤسسة فضاء تربويا حقيقيا
- إشراك مختلف الفاعلين في تجسيد المشروع
- تفتح المؤسسة التربوية على المحيط
- تحديث طرق تسيير وتنظيم المدرسة
3) أهداف مشروع المؤسسة : حسب المادة 05 من القرار رقم 17 المؤرخ في 06/06/2006 المذكور أعلاه فإن مشروع المؤسسة يعد أحد العناصر الهامة في تقييم مردود المؤسسة التعليمية وأداء موظفيها وبالتالي تكمن مهمته فيما يلي :
- تحسين نوعية التعليم الممنوح
- رفع الأداء المدرسي
- ترقية الحياة المدرسية داخل المؤسسة التربوية
- إشراك الجماعة التربوية لتنفيذ الخطة التربوية المتفق عليها
4) علاقة الميزانية بمشروع المؤسسة :
إن الاعتماد على المرتكزات الست السابقة الذكر والخاصة بمشروع المؤسسة يساعدنا على توضيح ملامح المخطط الذي ستبنى عليه( مشروع المؤسسة) فإذا كانت الميزانية تعتبر تقليديا ( وثيقة مالية ومحاسبية) لاتهتم بالأهداف فإن تنفيذها في ظل الإصلاحات يعتبر تطبيقا لبرنامج مشروع المؤسسة الذي يعمل على التخطيط الإستراتيجي في عملية التفكير ويعتبر أداة للتصرف ووسيلة للإتصال للوقوف على الإمكانيات المتاحة للمؤسسة والتعرف على مدى ملائمتها لمتطلبات الأهداف المرسومة تنفيذا لخطة العمل المقترحة ومن خلال دراستنا لمشروع المؤسسة نجد أن جميع مراحل إعداد المشروع تدعو إلى تسخير كل الوسائل لتنفيذه وتتمثل في :
* التشخيص : يعني تشخيص وضعية المؤسسة ومن ضمن المعطيات الضرورية معرفة الإعتمادات المالية المتوفرة في الميزانية.
* التحليل:يعني تحليل المعطيات لتحديد الإشكاليات المطروحة مع وضع إستراتيجية عمل بغية جمع المعلومات الواجب تنظيمها وترتيبها حسب الإمكانيات المتوفرة في المؤسسة ( بما فيها الأعتمادات المخصصة في الميزانية )
*الأهداف : تعتبر الأهداف ترجمة لمنهجية عمل ميداني واقعي وهذا العمل هو الذي يتم التحضير له باستعمال وسائل التخطيط لتنفيذ مشروع الميزانية.
مثال رقم 01:
* العملية هي :إعادة الاعتبار للحجرات الدراسية
من خلال جلسات التشاور مع مختلف الشرائح بالمؤسسة :أساتذة –إداريون- عمال وتلاميذ تبين أن ظروف تمدرس التلاميذ أصبحت غير لائقة بالحجرات .
*التشخيص :
- الحجرات تحتاج إلى طلاء
- بعض من النوافذ زجاجها مهشم
- النوافذ تنقصها ستائر
- الإنارة ضعيفة
- بعض الطاولات والكراسي تحتاج إلى إصلاح
وبعد المعاينة تم تسجيل العملية بمشروع المؤسسة.
*الهدف من العملية : صيانة الحجرات الدراسية وجعلها مهيئة لتمدرس التلاميذ
* انطلاق العملية:
- بناءا على هذه الوضعية تم رصد 70.000.00 دج من البند 271 صيانة وتصليح و 30.000.00 دج من البند 221 أثاث نسيجي من الميزانية لتغطية هذه الأشغال
- تم تحديد عطلة الربيع لتنفيذ هذه الأشغال
* المعنيون بالتنفيذ :عمال المؤسسة مع طلب الدعم من مؤسسة مجاورة لعامل متعدد الاختصاص
- إقتناء مستلزمات هذه العملية من : دهن,زجاج,ستائر...الخ
* التقييم بعد نهاية العملية : بعد انقضاء العطلة تبين أن الأشغال قد تم إنجازها بنسبة 70% باستثناء طلاء الأقسام الذي يتطلب وقت طويل تمت برمجته في العطلة الصيفية لهذا تقرر مواصلة العملية.
مثال رقم 02:
*العملية هي :أعادة الاعتبار للمرافق الصحية ( دورة المياه ) بالمؤسسة
فمن خلال الجلسات تنسيقية للمجلس الإداري وكذلك لجلسات الاستماع لمسؤولي الأقسام من تلاميذ المؤسسة لمعرفة الأمور التي يشكون منها تبين ان المراحيض المخصصة للذكور تحتاج إلى إعادة الاعتبار
وبعد معاينة الوضعية تم تسجيلها في مشروع المؤسسة
* التشخيص:
- أبواب المراحيض مهشمة
- قنوات المياه تحتاج إلى إصلاح
- الجدران تحتاج إلى الخزف الصحي
- لا توجد بها مرآة
- خزان الماء صغير لا يفي بالغرض
* الهدف من العملية :
- صيانة دورة المياه وجعلها ملائمة ومهيأة للاستعمال
* إنطلاق العملية : تم رصد مبلغ 50.000.00 دج لإنجاز هذه العملية يقتطع من البند 271 صيانة وإصلاح فقد تم شراء مستلزمات العملية من : أبواب ,خزف ,قصب حديدية , إسمنت ...الخ
* المعنيون بتنفيذ العملية: العون المتعدد الاختصاصات يساعده عاملين
* مدة الإنجاز: كل يوم سبت وعشية يوم الثلاثاء لمدة شهر حيث تنطلق العملية أبتداءا من يوم السبت 03/03/2010
* التقييم بعد نهاية العملية : بعد انقضاء المدة المحددة تبين أن نسبة 50% من العملية قد تم إنجازها كما تبين أن العون المختص لا يحسن تركيب الخزف بصفة جيدة لذا تقرر مواصلة العملية على ان تقوم المؤسسة بدعوة أحد المقاولين ليتقدم بتقويم كمي و كيفي لإتمام ما ينقص من العملية في حدود الإعتمادات المرصدة للعملية.
الخاتمة
إن إصـلاح التسييـر المالـي والمـادي أصبـح ضـرورة ملحـة نظـرا لتطور الأدوات الماديـة والإمكانـات المتاحـة لضمـان تحسيـن الأداء التربــوي وهذا يعكـس توجـه الوزارة نحو الحـداثة وعصرنه التسيير عن طريق إدخال التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال
وكذلك إدخـال أساليـب جديدة لتسيــير المؤسـسة وعلى وجـه التحــديد وضع مخطط إستراتيــجي لتنفيــذ الميزانية لضـمان تحقيــق الأهـداف التربويــة والبيداغوجيـة والاقتصاديـة والاجتماعيــة