نحو اعتماد الأثر الرجعي في المنح وخلق موقع إلكتروني يضع الأساتذة في صورة المشاريع
يكشف أول حوار مع رئيس اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية المنتخبة, بن مشري عبد الرحمن, بعد أكثر من 17 سنة من التسيير من طرف المركزية النقابية, أهم الخطوط العريضة لعمل اللجنة وأهم المشاريع التي ستنطلق مع الدخول المدرسي المقبل, مسلطا الأضواء وعبر "الفجر" على الفئات التي ستستفيد من 2000 مليار سنتيم في سبتمبر المقبل, والفئات التي ستنال الأثر الرجعي من المستحقات المالية, وأهم طرق ضمان الشفافية والنزاهة في التسيير الذي لايزال ينتظر الضوء الأخضر من طرف الوزير بن بوزيد والذي يتماطل حسبه في إجراءات نقل المهام.
قبل الشروع في خوض سلسلة من الاستفهامات على مشاريع الخدمات الاجتماعية الذي سيعرف مستقبلا ولأول مرة مرحلة جديدة وعهدا جديدا بعيدا عن التسيير الأحادي للمركزية النقابية, نود التعريف على رئيس اللجنة الذي تم انتخابه من طرف أزيد من 600 ألف موظف بقطاع التربية؟
بن مشري: عبد الرحمن بن مشري هو موظف عمل بقطاع التربية لمدة أزيد من 28 سنة, عملت في البداية أستاذا للتربية البدنية وحاليا ومنذ 3 سنوات مكلف مستشار تربية, قبل أن يتم انتخابي كرئيس اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية وبالإجماع من طرف أعضاء اللجنة الوطنية, هذا وكنت رئيسا للتعاضدية الولائية المستقلة لعمال التربية, وبحكم المنصب اكتسبت خبرة في ميدان التسيير.
نصب وزير التربية أبو بكر بن بوزيد مؤخرا ورسميا اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية ليعطي على إثرها الضوء الأخضر لمباشرة أعمالها, بعد مرور أكثر من 10 أيام على رفع التجميد على أموال الخدمات, هل باشرتم رسميا عملكم بعد تعطيل دام أكثر من عامين؟
** بن مشري: حقيقة تم في 20 مارس الماضي تنصيب اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية غير أن اللجنة لم تباشر عملها بطريقة رسمية يمنحها الصلاحيات للنظر في الملفات العالقة المجمدة منذ 2010, باعتبار أن هناك ترتيبات إدارية أخرى ينتظر ان تتخذها وزارة التربية كفيلة بمباشرة الأعمال والمتمثلة في إجراءات نقل المهام بين اعضاء اللجنة القديمة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين واللجنة المستقلة الحالية المنتخبة من طرف عمال التربية, والذي عطلها انشغال وزارة التربية بالامتحانات الرسمية النهائية , وهي ذات الامتحانات التي أجلت اجتماعا كان سيعقد حول ذلك بحر الأسبوع الماضي, وأشدد أن المشكل الرئيسي وراء تعطيل اللجنة في مباشرة مهامها هو التماطل الصادر عن وزارة التربية التي لم تتحرك ومنذ 20 مارس لنقل المهام. وللإسراع في عمل اللجنة, نأمل أن تقدم وزارة التربية المزيد من التسهيلات يسمح في الانطلاق رسميا بدون مشاكل.
بأي مسألة تنشغل اللجنة ورئيسها في الوقت الراهن؟
بن مشري: نعمل حاليا للتحضير لعقد أربع ندوات جهوية للنظر في انشغالات 600 ألف موظف ومختلف تصورات ومقترحاتهم الخاصة من أجل أن تؤخذ من قبل اللجنة الوطنية بعين الاعتبار في اجتماع الندوة الوطنية, وهي الندوات التي ستعقد مباشرة بعد الانتهاء من الامتحانات الرسمية لنهاية السنة أي بعد شهادة التعليم المتوسط مباشرة, هذا وستكون ندوة ولايات الجنوب هي الأولى التي ستنعقد.
وهل تم تحديد الولايات التي ستحتضن هذه الندوات؟
بن مشري: لم تحدد بعد الولايات الأربع المعنية باحتضان الندوات الجهوية وحتى تاريخها, حيث ستحدد خلال الأيام القليلة المقبلة من أجل الانطلاقة في العمل رسميا.
في عهد تسيير المركزية النقابية لأموال الخدمات الاجتماعية اتهمت هذه الأخيرة ومن مختلف التنظيمات النقابية المستقلة بأن هناك تلاعبا بأموال عمال التربية وعرفت طيلة تسييرها للأموال في الفترة الممتدة من 94 إلى 2010 اختلاسات وتجاوزات وتحويل أموال وامتيازات عدة لجهات معينة من فئة عمال التربية على حساب الآخرين, وقد أفصحت عن مختلف هذه التجاوزات نقابة "الانباف" بعد أن سلطت الأوضاع في تقرير يحمل 10 صفحات كشفت نتائج التحقيق الذي أمر به وزير التربية الوطنية بفتحه, في 1996 حول الخدمات الاجتماعية عن اختلاسات, صفقات كبيرة غير قانونية, وتضخيم الفواتير, وذلك عقب اعتداء أعضاء اللجنة الوطنية التابعة لاتحادية عمال التربية المكلفة بتسيير الخدمات الاجتماعية على الأمر بالصرف المكلف بصندوق الخدمات, وهذه الاختلاسات في شتى المجالات, خاصة فيما يتعلق بصب مبالغ مالية باهظة في بنوك جزائرية, وبصفة مخالفة للمحاسبة العمومية مثلما حدث في البنك الوطني الجزائري, والذي تعدت المبالغ المودعة فيه 500 مليار سنتيم, حيث كان هدف النقابة حث الوزارة الوصية على فتح تحقيق آخر لاسترجاع الأموال المسروقة من العمال. لكن بعد مرور أشهر على ذلك واقتراب موعد انطلاق اللجنة الوطنية الجديدة التي تترأسها حضرتكم, تتهمكم النقابة الوطنية لعمال التربية وعلى لسان رئيسها بوجناح عبد الكريم بأن اللجنة لم تفعل شيئا من أجل استرجاع ما تم اختلاسه وتتماطل في التحرك لطلب فتح التحقيق, وكذا التماطل في النظر في الملفات العالقة العديدة لعمال التربية خاصة منهم المرضى الذين لا يجدون من يساعدهم, ما ردكم على هذه الاتهامات؟
بن مشري: إن فتح التحقيق حول ما سلف من تجاوزات هو من صلاحيات اللجنة الحكومية المتكونة من ممثلين عن وزارة التربية والمالية والحكومة إضافة إلى ممثلين لأطراف أخرى على غرار النقابة الوصية آنذاك المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين, وأؤكد أن القضية ليست من صلاحيات اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية, باعتبارها ليست طرفا في التحقيق, وأنها مسؤولة حاليا على العتاد والأموال التي رفع التجميد عنها في 20 مارس الماضي وأؤكد إذا ما انشغلت اللجنة في محاسبة الغير فلن تباشر مهامها التي هي عالقة منذ 2010.
في إطار الحديث عن أموال الخدمات الاجتماعية, وتنويرا للرأي العام وبالأخص عمال التربية ما هو المبلغ الحقيقي لأموال الخدمات الاجتماعية التي ستنطلق فيها اللجنة مشاريعها, خاصة وقد كثر الحديث عن القيمة الحقيقية بين من يقول أنها تجاوزت 4000 مليار سنتيم و3000 مليار سنتيم في حين مصادر أخرى تتحدث عن 2000 مليار سنتيم؟
بن مشري: المبلغ الذي ستستلمه اللجنة هو 2000 مليار سنتيم حسب تصريحات وزير التربية أبو بكر بن بوزيد وهو مجموع الأموال المجمدة في سنتي 2010 و2011, وأريد التوضيح للرأي العام وللقاعدة العمالية لقطاع التربية أن المبلغ الموجود مقارنة بعدد العمال المتجاوز عددهم 60 ألف موظف تبقى جد ضئيلة, كما يجب معرفة أن 3 بالمائة التي تقتطع في الكتلة العامة للأجور لا تذهب لصندوق الخدمات الاجتماعية كلها بل 2 بالمائة منها فقط ورصيد اللجنة حاليا هو 2000 مليار في انتظار ما ستسفر عنه عملية التحقيق وعملية استرجاع الأموال الموجودة على مستوى اللجان الولائية.
في ظل ضيق الوقت وتراكم ملفات الأساتذة ومختلف انشغالاتهم وفي ظل محدودية القيمة المالية لأموال الخدمات الاجتماعية, كيف ستتعاملون مع الوضعية الراهنة خاصة وأنكم قد أعطيتم موعدا لـ600 ألف موظف بقطاع التربية للدخول المدرسي المقبل للاستفادة من مختلف امتيازات الخدمات الاجتماعية؟ وما هي أهم اهتمامات والمشاريع التي ستولي لها اللجنة اهتماماتها في البداية.
بن مشري: نعم إن شاء الله اللجنة ستتكفل بمنح الامتيازات وتلبية انشغالات عمال وأساتذة التربية مع الدخول المدرسي 2012/2013, حيث قرر أعضاء اللجنة الوطنية التضحية بالعطلة الصيفية من أجل مصلحة عمال التربية, من خلال وضع خطة كفيلة بالخروج بمقترحات ومشاريع وفق تطلعات عمال التربية والتي ستستقى من نتائج الندوات الجهوية التي ستنظم بهدف جمع انشغالات واهتمامات واقتراحات عمال التربية وتصوراتهم, التي ستخضع للمناقشة في الندوة الوطنية. وأؤكد أن اللجنة من رئيسها إلى مختلف أعضائها ستعمل على التركيز على الشفافية في التسيير, وعلى إثر ذلك قررت خلق موقع الكتروني يسمع للمواطنين والأساتذة وعمال التربية بصفة خاصة بالاطلاع على كل مستجدات اللجنة والمشاريع التي تثير اهتماماتهم, كما ستسعى إلى رفع المنح التي ستحدد انطلاق من الرصيد الحقيقي لأموال الخدمات الاجتماعية والتي ستخضع قبل ذلك إلى دراسة في التسيير والاقتصاد لتحدد قيم المنح التي سترفع وفق حدود الميزانية حيث يتعلق الأمر وعلى سبيل المثال بمنح التقاعد, اليتامى, الوفيات..الخ.
ما هي أولويات اللجنة في بداية أشغالها؟
بن مشري: من أولويات اللجنة هي صرف منح التقاعد, واليتامى والمعوقين والعلاج وكذا منحة والوفيات حيث هي نقاط فصل فيها.
طيلة السنتين الماضيتين التي عرفت فيها أموال الخدمات الاجتماعية تجميدا, شهدت المؤسسات التعليمية تجميد العديد من منح المتقاعدين والمتوفين وغيرها من المنح, هل نعتبر أن هؤلاء الذين تركوا هذه المؤسسات في فترة التجميد لن يستفيدوا من حقوقهم؟
بن مشري: إن اللجنة مسؤولة عن كل الملفات التي تم وضعها خلال سنوات التجميد وبذلك فإنها ستعمل على دفع كل مستحقات المتقاعدين وغيرهم حتى وإن تركوا المؤسسات التربوية, وهو نفس الشيء بالنسبة للمتوفين وهي المنح التي ستمنح لأهله (زوجته), ويجب معرفة أن اللجنة اتخذت إجراءات لدراسة الملفات وإحصائها حيث يوجد مراسلة للجان الولائية من أجل جرد الملفات من أجل دراستها بكل شفافية ونزاهة في أقرب وقت وستكون حسب الأولوية.
وأغتنم الفرصة لأؤكد أن اللجنة ستضمن منح كل موظف حقه في دراسة الملفات أما ما تعلق بالمنح أو السلفات وغيرها من الامتيازات حيث ستدرس في ظرف وجيز, وليس كما في السابق الملف يدرس لأشهر وتصل عادة إلى عامين, والسرعة في دراسة الملفات يعني أن العامل سيستفيد من حقه في مدة قصيرة.
وماذا عن منح اليتامى والمعوقين حيث لم تستلمها هاتين الفئتين منذ 2010 علما أنها حق يمنح لهم سنويا, هل يعني أن إعادة حقوق المتقاعدين سيتم إعادته حق هذه الفئة وبالأثر الرجعي؟
بن مشري: بالطبع كل واحد سيأخذ حقه ومنح الأثر الرجعي هو من صلاحيات اللجنة التي ستدرس هذا القرار والذي يخضع حاليا إلى القيمة الإجمالية لأموال الخدمات الاجتماعية .
من خلال هذا فإنه يظهر جليا أن اهتمامات اللجنة يقتصر على منح التقاعد والوفيات والعلاج, ماذا عن المخيمات الصيفية والعمرات والسفريات "الحمامات"؟
بن مشري: هناك كماليات تأتي في ذيل اهتمامات اللجنة وأؤكد أن هناك عدة امتيازات ستخضع للدراسة من جديدة والنقاش مع الأسرة التربوية من أجل حذفها أو اقتراح امتيازات جديدة, على غرار المحفظة التي كانت تمنح للأساتذة مع بداية كل سنة دراسية, حيث وبعدما تم التلاعب فيها عبر الآلاف من الأساتذة على أهمية وقف العملية, بسبب أنهم يستفيدون من محفظة وبوسائلها لا تتجاوز قيمة 450 دج.
وماذا عن المشاريع التي اقترحتها بعض النقابات على غرار "الانباف" التي تعهدت وخلال الحملة الانتخابية بإقامة مستشفيات وعدة مشاريع لعمال التربية؟
بن مشري: نحن نرحب بأي مقترح لكن في الأخير كلها ستخضع للنقاش مع القاعدة والدراسة التي سيقوم بها مختصون هي التي ستحدد الخطوط العريضة لمصير الاموال, كما لا يجب إهمال السيولة, كما أن غياب إحصاء حقيقي للممتلكات التابعة للجنة يعيق مباشرة اللجنة أعمالها أو القيام بأي مشروع.
وأريد أن أشير هنا إلى أن اللجنة لا تملك أي مشروع رسمي بين يديها واللجان الجهوية هي التي ستقترح, مع العلم أن اللجنة ستعمل على تجسيد المشاريع التي جاءت في الوثيقة رقم 1 التي تم انتخابها من طرف القاعدة.
تحدثت بعض النقابات أن اللجنة ستخضع لكل من "الانباف" و"الكناباست" النقابتان اللتان روجتا إلى فكرة اللجنة الوطنية واللجان الولائية بدلا من تشتيت أموال الخدمات, ما رأيكم في هذا؟
بن مشري: إن اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية لن تخضع لاي انتماء نقابي ونفس الأمر بالنسبة لأعضائها, وقد انتخبت رئيسا للجنة خدمة لكل عمال قطاع التربية دون استثناء, والنقابات سيكون دورها كملاحظ لا أكثر ولن تتدخل في تسيير المشاريع.
كلمة أخيرة لعمال التربية؟
بن مشري: أريد أن أؤكد فقط بأننا سنسعى جاهدين من أجل تحسين مستوى تسيير الخدمات الاجتماعية بكل شفافية ونزاهة, وأن تكون الأموال لفائدة المحتاجين إليها والتي ستمنح وفق دراسة متأنية للملفات وبكل صدق.