التخطيط التربوي
توطئة:
جاء في أحد تقارير المنظمة العالمية للتربية و الثقافة والفنون
اليونسكو:"....وكما أن الطفل الذي ولادته محبوس في بطن أمه فكذلك
المستقبل ينبغي أن ترسم صورته في إطار الجماعة بما فيها من رجال ونساء
وأطفال، وينبغي أن نتصرف كما لو أن المستقبل قد انتقل إلى الحاضر وأنه
معنا وفي حاجة إلى التغذية والمساعدة والحماية وأنه كذلك في حاجة إلى أن
نتعهده بالرعاية وإذا لم تفعل ذلك قبل ولادته فسوف يفوت الأوان وكما يقول
الشبان: " إن المستقبل هو اللحظة الراهنة ".
وبما أن التربية تخطيط للمستقبل في حقيقتها فإنها بلا ريب لابد أن ترسم معالم
وأفاقا واضحة لهذا المستقبل انطلاقا من تراث الأمة وثقافتها فالتربية تعمل
على تهيئة رجال ونساء الغد لكي ينهضوا بالمسؤوليات في مجتمعات لم تظهر
بعد، وهذا مما يدعوا إلى التخطيط بغية تفادي التخطيط والارتجال والمفاجآت
القاتلة.
ومما لا ريب فيه هذه الوظيفة المنوطة بالمؤسسات التربوية تعتبر جديدة لأن
وظيفة التربية في الماضي انحصرت على وجه العموم في ربط ماضي الشعب
بحاضره وفي المحافظة على العلاقات الاجتماعية ويمكن أن ندرك بسهولة
سبب هذا التحول إذا قارنا بين الاستعداد النسبي للمجتمعات في الماضي وبين
التطور المتسارع للمجتمع المعاصر، ولعلنا اليوم في وقت يجب أن تعمل فيه
6 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 5
التربية من أجل تكوين أطفال لا نعرفهم وإعدادهم للحياة في مستقبل لا نعرفه،
وبناء على ذلك فإن طبيعة الأمور تفرض أن يكون هدفها هو التفكير في
المستقبل ورسم صورته كما نريدها أن تكون... وهذا يفرض وضع تخطيط
موسوم بالدقة يحدد غايات التربية ومقاصدها والمجتمع الذي تنشده كما يحدد
الوسائل البشرية والمادية لتحقيق تلك المقاصد كما يرسم معالم الإنسان
وملامحه التي تهدف المدرسة إلى إبرازها وتنمية مداركه واحتضان رغباته
وطموحاته.
وفي حقيقة الأمر فإن التخطيط عملية مارستها الجماعات والمجتمعات البشرية
منذ القدم وكلما تعقدت الحياة و تطورت أساليبها كلما ازدادت الحاجة إلى
تخطيط بغية التحكم في المسار العام للأمة في جميع الميادين وخاصة ميدان
التربية الذي يسبق النمو ويهيئ له.
وكان أول من دعا إلى الأخذ بأسلوب التخطيط المحكم والعملي المفكر
الإنجليزي " موريس دوب " لإحداث التقدم في المجالات المختلفة.
ولقد كان للكتابات ماركس وانجلز الفضل للخروج بالتخطيط من دائرة التفكير
إلى حيز العمل والتنفيذ... ولكن العرب لم يأخذوا بالتخطيط كأسلوب للإنماء
إلا عندما تعرض لأزمة الكساد العالمي في الثلاثينيات لانقاد شركاته من
الانهيار الاقتصادي. أما تخطيط التربية فقد كان أكثر سبقا ووضوحا في
جوانبه العملية والعلمية من التخطيط العام وصمود ذلك أن التربية بطبيعتها
عمل يتم دائما للمستقبل ولخطورة التربية باعتبارها أداة فعالة بيد الدول
6 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 6
والمجتمعات في تكوين الفرد وتشكيله المتوافق مع أهدافها وإيديولوجيتها
وتحقيق المطامح الاجتماعية والاقتصادية في التغيير والتطوير، فالتربية أداة
تغيير المجتمع. والحق أن ما ذكره أفلاطون في جمهوريته يعد نوعا من
التخطيط إذ عرض نوعا من الخطط التعليمية التي تخدم الاحتياجات اللازمة
للقيادة والأغراض السياسية، ومن أشكال الخطط التربوية المشهورة التي
استهدفت تطوير وإصلاح التعليم ما أقترحه " جون توكي " في القرن السادس
عشر لإيجاد نظام قومي للمدارس والكليات بحيث تتكامل فيها النواحي الروحية
والحياة المادية.
إن التخطيط التربوي بمفهومه الحديث يرجع إلى التجربة السوفيتية في
التخطيط العام ومنه انبثق التخطيط لمحو الأمية وتعميم التعليم ومن الإتحاد
السوفياتي(سابقا) انتقل فكر التخطيط إلى دول المنظومة الاشتراكية في أوروبا
الشرقية (سابقا) وكان التخطيط التربوي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية
يتصف ببعض القصور الذي عمل العلماء والخبراء على الحد منه قصد
الوصول إلى تخطيط موضوعي ودقيق.
6 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 7
مفهوم التخطيط:
مفهومه اللغوي: التخطيط هو إثبات لفكرة ما بالرسم أو الكتابة وجعلها تدل
دلالة تامة على ما يقصد بالصورة أو بالرسم ومفهومه الاصطلاحي هو مفهوم
متعدد يأخذه من الفلسفة المعتمدة عند مستعميله أو الموضوع الذي يجري فيه
العمل بالتخطيط.
فالتخطيط منهج إنساني للعمل يستهدف اتخاذ إجراءات في الحاضر ليجني
ثمارها في المستقبل، ونظرا للحاجة إليه فإن جميع الأمم تبنت التخطيط وأخذت
بالعمل به باعتباره عملية أساسية لا غنى عنها لتحقيق أهداف التنمية، ويعتبر
التخطيط أول عنصر من عناصر الإدارة وهو الأساس والمبدأ الذي تقوم عليه
وتستمد فكرة التخطيط من مبادئ الإدارة التي وضعها لوثرجوليك في كلمة
وهو أول عنصر من عناصر الإدارة بل هو الأساس الذي تقوم " POSDCORB"
عليه ما سماه الدكتور شوقي البوهي في كتابة التخطيط التربوي بالتعريف
الشامل:
التخطيط هو مجموعة التدابير المعتمدة والموجهة بالقرارات والإجراءات
العلمية لاستشراف المستقبل، وتحقيق أهدافه من خلال اختيار بين البدائل
والنماذج الاقتصادية والاجتماعية لاستغلال الموارد البشرية والطبيعية والفنية
المتاحة إلى أقصى حد ممكن لإحداث التغيير المنشود."
6 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 8
وبناء على ذلك فإن التخطيط الحقيقي لابد أن يشتمل على الخصائص التالية:
1) استشراف المستقبل والتنبؤ باتجاهاته باستعمال معطيات الحاضر والماضي.
2) الأسلوب العلمي الذي يستخدم وسائل ونماذج اقتصادية وإحصائية (توفر
الإحصاءات والبيانات الدقيقة)
3) مجموعة التدابير المعتمدة والموجه بمجموعة من القرارات والإجراءات
الكفيلة بتحقيق الأهداف المسطرة.
4) الاختيار بين البدائل بما يسمح بتحاشي التناقص بين الأهداف والوسائل.
5) تعبئة و استخدام الموارد الطبيعية والبشرية والفنية إلى أقصى حد ممكن.
6) الاتسام بالواقعية والشمول والتنسيق والمرونة والاستمرارية.
7) وجود خطة وضع التخطيط في صورة برنامج محدد المعالم والآجال.
أما المقصود بالتخطيط التربوي: فهو يعد أهم مجالات التخطيط القومي وقاعدة
ارتكازه حيث يقوم بتنمية القوى البشرية وصقل وصياغة القدرات والمهارات
والمعارف والاتجاهات للكفاءات البشرية في جوانبها العلمية والعلمية والفنية
والسلوكية على أساس أن العنصر البشري أصبح هو الركيزة والأساس في
بناء التقدم الاقتصادي والاجتماعي وفي برنامج أي تنمية مقصودة.
ومع ظهور نظرية الحداثة التي أكدت على أهمية التعليم في بناء الدول
العصرية والنظرية الثانية نظرية رأس المال البشري التي أكدت على أهمية
العنصر البشري لإحداث التنمية واعتبار رأس المال البشري استثمارا في
الموارد البشرية وأنه لا يقل أهمية عن رأس المال المادي.
6 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 9
ويعرف " بيتي " التخطيط التعليمي بأنه استخدام البصيرة في تحديد سياسة
وأولويات وتكاليف النظام التعليمي مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي
والاقتصادي وإمكانية نمو النظام وحاجة البلاد والتلاميذ الذين يخدمهم.
الفرق بين التخطيط التربوي والتخطيط التعليمي: الفرق بين التخطيط التربوي
والتخطيط التعليمي كالفرق بين مفهوم التربية ومفهوم التعليم فالتخطيط
التعليمي يختص بكل ما يتم داخل النظام التعليمي بينما التخطيط التربوي
أشمل وأعم حيث يضم إلى جانب النظام التعليمي جميع المؤسسات التي تقوم
بعملية التربية خارج التعلم: الأسرة- مؤسسات الثقافة والإعلام، الدينية،
النوادي الرياضية والاجتماعي، السينما والمسرح ...إلخ
في كل متكامل عرضته التنمية الشاملة للفرد في مختلف مكوناته الشخصية
وأبعادها المجتمعية وتنمية هذا المجتمع.
وأصل هذا إلى تلخيص تعريف التخطيط التربوي بأنه: عملية علمية منظمة
ومستمرة القصد منها تحقيق أهداف مستقبلية بوسائل مناسبة تقوم على
مجموعة من القرارات والإجراءات الرئيسية لبدائل واضحة وذلك وفقا لأوليات
مختارة بعناية بغرض الوصول إلى أقصى استثمار ممكن للموارد والإمكانات
المتاحة و لعنصري الزمن والتكلفة لكي يصبح نظام التربية (التعليم) بمراحله
الأساسية أكثر كفاية وفعالية للاستجابة لاحتياجات المتعلمين المتزايد والمتغيرة
دوما وملبية لمتطلبات تنميتهم المستمرة.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 0
أدوات التخطيط:
للتخطيط أدوات لابد أن تتوفر ليؤتي أكله أهمها:
1) العنصر البشري ذو الخبرة والكفاءة:
حيث أن التخطيط التربوي ممارسة علمية يعرفها المخططون وهو يعتبر
تطورا جديدا لا يستغني عنه هؤلاء المخططون وقد يأخذ شكل تخطيط
للبرامج التعليمية أو إعداد للميزانية اللازمة لها.. ومع أن التخطيط لا يعتبر
بلسما شافيا لكل قضايا التعليم ومشكلاته فلا يعني ذلك إهماله أو التخلي
عنه ذلك أن التخطيط بصفة عامة أصبح ضرورة من ضرورات الحياة.
2) توفر البيانات والإحصاءات:
حيث لا يمكن وضع تخطيط علمي مأمون النجاح إلا إذا توفرت البيانات
الدقيقة والإحصاءات المضبوطة التي يمكن الاعتماد عليها لوضع الخطة
على أساسها وهذا ما يدعو إلى إنشاء معاهد متخصصة تعد البيانات
والإحصاءات.
3) ضرورة توفر الوعي بأهمية التخطيط:
لأنه لا يمكن الذهاب بعيدا إذا لم يتوفر الوعي لدى المسؤولين بأهمية
التخطيط لرسم معالم المستقبل التربوي و التعليمي للأمة والآفاق التي
تتطلع إليها.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 1
4) توفر أجهزة للتخطيط التربوي:
تتوفر على التقاليد الصارمة في التنظيم والتسيير لضمان الثبات
والاستمرارية والمتابعة والمراقبة للخطة التربوية فكل تخطيط لدلالة جهاز
– إدارة – تتولى التكفل به وتعديل خطواته وتصحيح مساره والدفع إلى
الإلهام لتحقيق غاياته المرجوة والمرسومة سلفا.
5) توفر الخطة البديلة:
في أي نظام إداري عادة ما تكون عناك خطة بديلة أساسية أو رئيسية تقوم
عليها الإدارة وإلى جانب هذه الخطة بديلة الغرض منها هو المحافظة على
سير العملية الإدارية فإن ما حدث قصور في الخطة أو صعوبات في التنفيذ
فإنه يتم تطبيق الخطة البديلة بينما في الدول النامية تفتقر إدارات التعليم
إلى مثل هذه الخطط مما يجعلها عرضة للتردي والسقوط دون الأهداف.
6) الثبات والاستقرار:
من أدوات التخطيط التي ينبغي ضمانها لنجاح الخطة ثبات واستقرار
الأجهزة المكلفة بالخطة بما فيها من إطارات وخبراء شاركوا في وضع
الخطة و كانوا مومنين بأهميتها وضرورتها لحل المشكلات المعترضة
وتحقيق الأهداف المرسومة للخطة على المدى المحدد.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 2
7) توفر المخصصات المالية لتنفيذ الخطة:
لاشك أن كل تخطيط لا يحظى بتوفير الوسائل البشرية والمادية والمالية لا
يمكن أن يتحقق له أي نجاح لأن كل خطة – مهما كانت هينة – متطلبات
مالية ضرورية لتحقيقها فلابد إذا أن تصاحب الخطة مخصصات مالية
مدروسة تكون الرافد الضروري لا مداد الخطة بالدماء المتدفقة التي تضمن
التقدم والنجاح.
أهمية التخطيط:
للتخطيط التربوي أهمية كبرى لأنه يمكن من ضبط استراتيجية تربوية
للمستقبل على مستوى الغايات المرسومة للمنظومة التربوية أي الاختيارات
وخاصة الاختيارات الرئيسية التي تبنى ضوئها المقاصد والأهداف والتي ينبغي
العمل في اتجاهها وهذه الاختيارات تصاغ باسم جميع المواطنين من طرف
الجهات المسؤولة أو من طرف الأشخاص المفوضين للقيام بهذا الأمر وما من
سياسة تربوية إلا وهي تعبر عن الاختيارات للبلاد وعن تقاليدها وقيمها
وتصورها للمستقبل ... وانطلاقا من هذه السياسة المرسومة يمكن تحديد
الأهداف وكيفية الانسجام بينها وبين أهداف القطاعات الأخرى وهنا تمكن
أهمية التخطيط التربوي كون التربية أصبحت رائدة تسيق التنمية وهي أفضل
استثمار...
- كما أن التخطيط يجنب المجتمع التخبط والفوضى والارتجال المنبوذ في
العصر الحالي.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 3
- كما ييسر – التخطيط التربوي عمل القائمين على المنظومة التربوية لأنهم
يعرفون الخطوات والأهداف والمسار المرسوم سلفا انطلاقا من واقع ومعطيات
موضوعية وفرتها الإحصاءات والبيانات.
- يجنب المجتمع الاضمحلال أو الذوبان في فلسفات أخرى تأثيرا بها.
- يرسم معالم وغايات طويلة المدى إلى حد معقول يمكن السير الحثيث
لتحقيقها.
- يجعل الأهداف المرسومة المخطط لها مع الأهداف السياسية والاجتماعية
والاقتصادية لما يوجد من ارتباط وثيق بينها.
ويرى " شارل بتلهايم: أهمية التخطيط في كونه عملية تنظم جميع مجالات
التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتستلزم ترابطا وتنسيقا بين قطاعات الاقتصاد
القومي مما يعني دراسته على نطاق عام وشامل للتأكد من أن المجتمع سوف
ينمو بصورة منظمة ومنسقة وبأقصى سرعة ممكنة وذلك مع التبصر بالموارد
الموجودة وبالأحوال والظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة حيث يمكن
السيطرة عليها وذلك ضمانا للنتائج المستهدفة من الخطة.
ومن خلال علاقة التربية بالتنمية تبرز أهمية التخطيط التربوي فيما يقوم به
من ترجمة تلك العلاقة وتجسيد الواقع ومن أولى أشكال تلك العلاقة وفاء
النظام التعليمي باحتياجات خطط التنمية من القوى العاملة والمدربة بأكبر قدرة
وفي حالة وجود عجز فيها يبرر دور التخطيط التربوي لتوفير القوى العاملة
والمدرية بأكبر قدرة وسرعة ممكنة.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 4
ويتم من خلال العديد من الإجراءات والعمليات لإصلاح التعليم وحل مشكلاته
والاختيار الواعي للأهداف التي ينبغي الوصول إليها وفي العصر الحديث
ظهر العديد من المشكلات التي واجهت مجتمعات العالم المتقدم والمتخلف على
حد سواء حتمت الأخذ بالتخطيط التربوي كملاذ وحيد.
وقد برزت أهمية التخطيط وقيمته في السيطرة على المستقبل من خلال
مشكلات عدم التوازن التي تعاني منها التربية بل اعتبر التخطيط الوسيلة
الناجحة لسيطرة الإنسان على المستقبل المجهول وتحكمه فيه حيث أتضح
للباحثين أنه الوسيلة والأداة العملية الجديرة بإنسان العصر وأكدت ذاك حوادث
الحروب الكبرى حيث استبان للكثير أن التخطيط كما هو مهم وله دوره في
أيام الحرب فإن له دوره في أيام السلم، كما أن إهمال التخطيط لاسيما التخطيط
التربوي أظهر نتائج مخفية ففي بريطانيا – على سبيل المثال- قد تم تغيير
النظام التعليمي تغيرا جذريا أيام الحرب العالمية الثانية و نفسها ولم تنتظر
إنهاء الحرب العالمية للقيام بإصلاحه بل تم الإصلاح وقت الحرب بل في قلب
المعركة وتم تبني التخطيط التربوي كأداة لإصلاح الأوضاع وبذلك فإن
التخطيط التربوي أصبح أمرا هاما لكافة الدول خصوصا النامية منها لتساير
التطورات الحديثة وتلحق بالمركب الحضاري.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 5
ضرورة التخطيط التربوي:
يعتبر التخطيط التربوي أحد الضرورات التي جاءت نتيجة لما أملته الظروف
الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها مجتمع العصر الحديث والتقدم
والتكنولوجيا ولكن وراء هذه الظروف عدة أسباب أخرى أهمها:عدم التوازن
بين متطلبات مجتمع اليوم من التعليم إلى عدم التوازن بين الكم والكيف وبين
الخدمات التعليمية وأنواع التعليم التي تسعى إلى أن يعيد توازنه وأن تصحح
اتجاهات نموه كما وكيفا وبحيث تتوازن قدرة المجتمع وأجهزته ونتمكن من أن
نستجيب لمتطلبات المجتمع من التعليم.
على أن هناك مجموعة من العوامل حتمت ضرورة التخطيط التربوي منها:
-1 عامل الزيادة في السكان.
-2 عامل التحول في التركيب الاقتصادي وتبدل نمط الإنتاج وتطور
الصناعة.
-3 عامل التغير في التركيب الوظيفي وتطور الوظائف الاقتصادية
والاجتماعية.
-4 عامل ارتفاع مستوى المعيشة فكلما تحسنت المعيشة ازدادت الرغبة في
التعليم.
-5 عامل التقدم العلمي والتكنولوجي توفر الإمكانات المتعلقة بالتعليم
وتطوره وتوسعه.
-6 عامل التطور الاجتماعي والنفسي.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 6
-7 عامل نمو التعليم وتطوره.
أهداف التخطيط التربوي:
التخطيط التربوي – كما أسلفنا – في أضيق معاينة يعني رسم صورة معينة
للمستقبل تتمثل في إخضاع أو تكييف النظام الحاضر في مجموعة من الخطط
والبرامج المحددة لتعديله أو تطويره لتحيق أهداف المجتمع بصورة عامة،
والتخطيط التربوي كنوع من التخطيط لا ينطلق من فراغ، ولا يتم بمعزل عن
المجتمع، الذي يعد أبناءه للحياة فيها، وحيث أن المجتمعات البشرية ذات طابع
متغير كل له نظمه السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتميز بها أو ما
يتشابه فيها مع غيره لذلك كان من الضروري عند إعداد تخطيط تربوي
وضع الأهداف العامة لهذا التخطيط انطلاقا من أهداف المجتمع وفي إطار
مخطط التنمية العام للجوانب الاقتصادية والاجتماعية ولذلك فإن أهداف
التخطيط التربوي تتوزع على عدة أنواع:
1) الأهداف الاجتماعية:
في ظل السياسة القومية للتنمية فإن السياسة التعليمية غالبا ما تهدف إلى:
أ) مقابلة احتياجات الأفراد إزاء شخصياتهم وقدراتهم وطاقاتهم.
ب)مقابلة احتياجات المجتمع وتطوره الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
وبعبارة مختصرة: يعمل التخطيط التربوي على تكوين الأفراد وتنمية
شخصيتهم وفق رغباتهم الكامنة من جهة واحتياجات وطموحات المجتمع
من منظور مستقبلي بطبيعة الحال. وبالنظر إلى هذه الاحتياجات والرغبات
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 7
والقدرات واستشرافا للمستقبل فإن أهم التخطيط التربوي الاجتماعي
تترجمها هذه الجمل:
- منح جميع أفراد الشعب رجالا ونساء فرصا متكافئة للتعليم.
- إعطاء كل فرد نوع التعليم الذي يتناسب مع قدراته وإمكانياته وميوله.
- توفر احتياجات المجتمع من القوى العاملة اللازمة لتطوره الاقتصادي
والاجتماعي.
- المساهمة في تطوير المجتمع و تحويله إلى مجتمع حديث يتميز بالمرونة
والحركة الاجتماعية.
- الحفاظ على القيم والمفيد من تقاليد المجتمع وثرائه ومثل أفراده وما
يعتقدون أنه خير وجميل.
2) الأهداف السياسية:
من المعلوم أن التعليم في أي نظام سياسي يهدف إلى تكوين المواطن
الصالح وبذلك فإن الأجهزة التعليمية تهدف عن طريق بنيتها التعليمية أو
عن طريق مناهجها إلى بث روح المواطنة بين أطفالها وسكانها وتنميتهم
على حب الوطن والبذل في سبيله إن المشكلات التي عاش منها العالم
نتيجة تزايد الروح القومية التي كان سببها الاتجاهات الرأسمالية والفاشية
أكدت أنه لإبقاء العالم إلا بالتعاون بين دولة والتفاهم المتبادل بين شعوبه
وهذا لا يأتي إلا بانتشار التربية والتعليم واستخدامها كوسيلة لتحقيق ذلك
ومن ثم فإنه يمكن تحديد ألأهداف السياسية فيما يلي:
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 8
- المحافظة على الكيان السياسي والاجتماعي للدولة.
- تنمية الروح الوطنية والقومية بين أفراد المجتمع.
- تطوير المجتمع بما يحقق مزيدا من الانسجام بين الفرد والمجتمع.
- تنمية المواطن الصالح وإتاحة جميع الفرص التعليمية له.
- العمل على زيادة التفاهم والتعاون بين الأفراد والشعوب على المستوى
العالمي.
2) الأهداف الثقافية:
ترتبط أهداف التعليم دائما بثقافة الإنسان في أي مجتمع من المجتمعات وما
دام التعليم هو الأداة التي يحفظ بها الإنسان ثقافته الإنسانية وذلك عن طريق
نقلها وتناقلها من فرد إلى آخر ومن جيل إلى أخر بعدة وسائل بغير التعليم
ولذلك فإن الأهداف الثقافية للتخطيط التربوي تتلخص في الآتي:
– المحافظة على الثقافة الإنسانية والاستفادة منها.
- العمل على تنمية الثقافة وتطويرها عن طريق البحث العلمي.
- العمل على رفع مستوى الثقافة بين أفراد الشعب وذلك برفع مستوى
التعليم في جميع مراحله وزيادة إمكانياته لوصول كل فرد إلى أعلى
درجات السلم التعليمي.
- حل المشكلات الثقافية بإزالة التعارض بين أفراد السياسة التعليمية بما
يحقق وحدة الثقافة.
7 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 9
3) الأهداف الاقتصادية:
يعتبر التعليم في نظر كثير من علماء الاقتصاد عامل من عوامل أحداث
التنمية الاجتماعية والاقتصادية ولكن في منظور الأفراد والحكومات ما هو إلا
نوع من الاستهلاك كالسلع الاستهلاكية...
غير أن التعليم كسلعة استهلاكية تتميز عن السلع الأخرى بعدة مميزات: فهو
سلعة استهلاكية معمرة باقية مع الإنسان طول حياته وغير نافذة وله تأثير
كبير على أنواع الاستهلاك الأخرى بالتعديل والتهذيب كما أنه يؤدي إلى
تطوير الإنسان وترقية شخصيته وبالتالي تحسين مردوده...وهكذا فإن الأهداف
الاقتصادية للتخطيط التربوي تتمثل في:
- توفير القوى العاملة على المدين القريب والبعيد للقطاعات الأخرى
ولقطاع التعليم نفسه.
- اكتساب الفرد المهارة والخبرة لزيادة كفايته ومردوده.
- تمكين الفرد من التحكم في عدة وظائف ليمكنه التمكن من سلم الوظائف
بيسر.
- مواجهة مشكلات البطالة برفع مستوى الأفراد التعليمي.
- المساهمة في تطوير الاقتصاد بتحسين تكوين الأفراد وفعاليتهم في ميدان
العمل.
- تمكين التعليم من الاستفادة من القطاعات الأخرى من حيث التمويل لأنه
يزود تلك القطاعات باحتياجاتها من الإطارات.
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 0
- تحضير الاختصاصات المطلوبة في ميدان التعليم لسد الاحتياجات
المختلفة ورفع مستوى الكفاءة والأداء.
• التخطيط أسلوب عصري للبرمجة والتنظيم:
يعتبر التخطيط الأسلوب العلمي الذي يعيش الواقع، ويضع صورة بل
يتجاوز ذلك إلى أن يجعل هذه الصورة موضع التنفيذ مستخدما في ذلك
الإمكانيات المادية والبشرية لخدمة أغراض التنمية و تحقيق أهدافها فهو
الجهد الذي يبذل لمواجهة المستقبل في ضوء إمكانيات الحاضر..والتخطيط
أيا كان نوعه إنما ينطلق من الدراسات الحديثة، فهو أسلوب عصري
للبرمجة والتنظيم- أو ما يسميه " برجيه " التحسب أو علوم المستقبل والتي
تهتم بالمستقبل وتعمل على حل مشكلاته المتوقعة والتنبؤ بالقوى المؤثرة
فيه والحوادث التي يمكن أن تحصل فيه وبالعمل على توجيه حركة
المستقبل لخدمة أغراض الفرد والمجتمع، ذلك ما نسميه بالهندسة
والتكنولوجية الاجتماعية التي تكشف عن مشكلات المستقبل وتتنبأ بالحلول
لهذه المشكلات والتحديات التي تواجهه وهكذا لدرك أن التخطيط التربوي
أسلوب عصري للبرمجة والتنظيم حيث أنه يتمتع بخصائص تؤهله لهذا
المقام فهو:
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 1
1) أي التخطيط أسلوب موضوعي في التفكير (تقدير مشكلة معينة واقتراح
الحلول المناسبة لها)
2) التخطيط تفكير تحليلي دينامي (عدم اتخاذ قرار سابق للبيانات
والمعلومات ذات الصلة)
3) التخطيط تفكير تكاملي بداعي التكامل بين عناصر العملية التربوية من
حيث المدخلات والمخرجات.
4) التخطيط يتضمن تفكيرا اسقاطيا (النظر للمستقبل نظرة غير أكيدة
ومليئة بالاحتمالات)
5) التخطيط نوع من التفكير المثالي يتسم بالخيال والتخيل منطلقا من
الواقع أو الحاضر.
6) التخطيط يتسم بطابع الفكر التجريبي (تحليل البدائل وتجريبها لاختيار
أفضلها).
7) التخطيط تفكير واضح وصريح يضع أمامه جملة من الاحتمالات
والقرارات لكل منها مبرراتها وسندها.
التخطيط عملية تفكير ترتبط بالزمن (يفكر في اليوم والغد وما بعد الغد
ويحدد أولويات الزمن والتوقيت.)
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 2
استثمار نتائج التخطيط:
إن التخطيط مرتبط ارتباطا وثيقا بالمستقبل، فهو لابد أن يغطي فترة
مستقبلية معينة حيث تكون محل استغلال واستثمار لما يمكن أن يحققه
التخطيط وفق الأهداف الموسومة في المخطط.
ولاشك أن التخطيط ينبغي أن يكون محل متابعة ومراقبة من المختصين
غير أن أجهزة متخصصة وأن توضع ضمن سياق التخطيط مؤشرات
للتقويم يمكن استدراك ما يحصل من انحراف أو اعوجاج في أهداف
التخطيط ومراميه وبناء عليه يتم اللجوء إلى التعديل أو التطوير أو الإلغاء
أو الاستبدال بوضع الخطة البديلة التي لا تستغني عنها الإدارة لاستدراك
ما يمكن أن يوقف الخطة الأولى أو يعطلها عن أهدافها.
والتخطيط الناجح يعتمد على الحقائق التي تأتي بها الأبحاث والتنبؤات
والتنبؤ بالظروف المستقبلية قد استعانت به أغلب التنظيمات سواء قام على
أساس التقدير أو الملاحظة أو المعلومات والاتجاهات السابقة.
ولا بد أن يمر التخطيط التربوي بالمراحل الضرورية وهكذا يمكن استثمار
نتائجه في نهاية وطيلة مرحلة التنفيذ.
فالتخطيط بطبيعته عملية متصلة ومستمرة من الصعوبة بمكان الفصل بين
جزئياتها لنضع ترتيبا تتابعيا وأيضا ليس من المنطقي أن يتم التخطيط في
وقت واحد ودفعة واحدة لذلك استوجب رصد الخطوات الرئيسية للقيام
بعملية التخطيط.. وأهم مراحله:
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 3
1) مرحلة التحضير والإعداد:
وتبدأ بتقديم التجارب (الخطط ) السابقة ثم تشخيص الواقع الراهن والعوامل
المؤثرة فيه سلبا أو إيجابيا مع وجوب دراسة الواقع التربوي وهو مرتبط
بنيته الاجتماعية ومتطلبات تطويره (جميع الدراسات التفصيلية) تقدير
الاحتياجات مسح دقيق لنظام التعليم، رصد الامكانات البشرية.
2) مرحلة تحديد الأهداف:
يتم وضع الأهداف انطلاقا مما سبق وعلى ضوء فلسفة المجتمع وتوجه
الدولة، وينبغي أن تصاغ بدقة في عبارات عامة، وأن تأتي في شكل
اتجاهات محددة في صورة رقمية أو كمية وأن تكون معبرة عن الواقع
قابلة للتحقيق.
3) مرحلة وضع إطار الخطة:
وهنا تترجم الصورة العامة والأهداف إلى صورة رقمية ومؤشرات في
هيئة برنامج عمل محدد الأوليات وفي هذه المرحلة تتخذ الإجراءات
التالية:
- حصر مشكلات التعليم وتقويم أوضاعه والوقوف على مشكلاته وما
ينبغي إحداثه من أجل تحقيق الأهداف المرسومة.
- صياغة الاحتياجات وفي ضوء الامكانات المتوفرة والمتاحة وتحديد
الوسائل واختيار أنسبها لتحقيق الأهداف ووضع برنامج مفصل وشامل كما
يجب إحداثه والتنسيق بين المشروعات زمانيا ومكانيا وتحديد الآجال
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 4
والتكلفة ومصادر التحويل بمتغيراتها والوضع في الحسبان الاحتمالات
المتوقعة في تنفيذ الخطة والاستعداد لمواجهتها بوضع البدائل.
4) مرحلة الخطة:
تتكفل الجهات المسؤولة العليا في هذه المرحلة بإقرار الخطة وعرضها
على السلطة التشريعية لتعديل ما يجب تعديله وإضافة ما ينبغي إضافته
لتكون متناسقة مع الخطط القطاعية الأخرى ومستجيبة لسياسة الدولة
ومنطلقاتها وغاياتها.
5) مرحلة التنفيذ:
التي تتطلب اتخاذ قرارات وإجراءات لوضع الخطة في سياق عملي قابل
للتنفيذ مع ضرورة توفير الإمكانيات البشرية والمادية ووضع الآليات
والأجهزة الضرورية للتنفيذ وفق توصيات الخبراء وتوجيههم.
6) مرحلة المتابعة والتقويم:
حيث يمكن في هذه المرحلة من توظيف الخطة واستثمار نتائجها..ولا بد
أن تحظى الخطة بالمتابعة الدائمة والتقويم المستمر وتتم المتابعة بملاحظة
التنفيذ وتحديد خطوات الإنجاز ودرجة نجاحه وانحرافه عن الغايات
المحددة حيث يمكن تلافي حدوث أي انحراف والوقوف على مشكلات
التنفيذ.
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 5
وتهدف المتابعة والتقويم إلى:
- متابعة التنفيذ للتعرف على منجزات وأداء الأفراد والبرنامج بما يضمن
تنفيذ للتعرف نصيبها من الخطة وفق قواعد رقابية معينة.
- متابعة جهاز التخطيط لتعديل الخطة أو الإجراءات التنفيذية وتغيير
السياسات بما يضمن تحقيق أهداف الخطة.
وعن طريق المتابعة والتقويم يمكننا الاستفادة من النتائج المرحلية المحققة
عن طريق التخطيط في تحسين مردود الخطة وتعديل مسارها وفق الأصح
والأصلح كما يمكننا أن ندعم الخطة وفي مسارها لتقوية مرتكزاتها
وغاياتها باشتراك المستفيدين والمعنيين بالخطة في مراحل التنفيذ وإبراز
الأهداف المتوخاة من الخطة ليلتف حولها أولئك المعنيون ويساهمون في
تنفيذها من الخطة على أحسن وجه.
وبإتباع مراحل الخطة ومسارها يمكن استثمار نتائجها في عدة مجالات من
مجالات التربية الأكثر أهمية أولا ثم تليها كلما تقدمنا في تنفيذ الخطة
والتفريع للمخطط إلى مقاصد للتربية أقل أهمية.حيث في:
- كونه– أي التخطيط التربوي- يرشد إلى الاحتياجات من المباني
المدرسية والوسائل المادية الضرورية لتمدرس التلاميذ المتوقع التحاقهم
بالمدارس على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
- تحديد مجموعة الدارسين على المدى القريب والمتوسط والبعيد لضمان
مقعد دراسي لهم.
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 6
- تحديد الاحتياجات من اليد العاملة في شتى مجالات الاقتصاد والاجتماع
(التكفل بتكوينها من قبل النظام التربوي المخطط).
- دراسة المناهج ورسم غاياتها وأهدافها على ضوء متطلبات المجتمع
والمستقبل المنظور.
- يقوم التخطيط التربوي بوضع الإصلاح المطلوب للهياكل والبرامج
والوسائل.
وفق ما يطلبه المجتمع وحاجات الأفراد.
- تحضير الإطارات الكفأة التي يرغب المجتمع في تكوينها وتنمية
اقتصادها.
- استشراف المستقبل للوقوف على متطلبات الحياة في ذاك المستقبل
المجهول لتهيئة الناشئة للعيش فيه.
- توظيف البيانات والإحصاءات والنماذج المعاشة لقياس ما يمكن أن
يحصل في المستقبل بغية التحسب له ومنه الاستعداد لمتطلباته.
- التحسب للاحتياجات من المعلمين لكل الأطوار ومواكبة لروح العصر
وذلك من أجل تكليف هيئات متخصصة لتكوين هؤلاء المعلمين وتزويدهم
بالأساليب الحديثة التي تمكنهم من أداء دورهم في مجتمع متغير دائم
التجدد.
والحق أن استثمار نتائج التخطيط عديدة وكثيرة وهي أجل من أن تحصى
وذلك إذا أحسنا المتابعة والمراقبة وقمنا بتطوير الخطة أو تعديلها في حينها
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 7
وفق الأهداف المتوخاة والمعبر عنها بدقة وموضوعية، فإذا كانت لدينا
مؤشرات للتقويم وتوفرت للخطة أهداف واصفة الصياغة فإننا نستفيد من
التخطيط-لا محالة – استفادة جمة لأن التخطيط أصبح ضرورة يفرضها
روح العصر الذي يعتمد العلم نبراسا في مساره ويرفض بشكل قاطع
التخطيط والفوضى والارتجال.
ومجمل القول:
أن التخطيط عموما أصبح في وقتنا الحالي أكثر من ضرورة فلقد
شهد القرن العشرون وخاصة النصف الثاني منه اهتماما كبيرا ومتزايدا من
جانب كثير من البلدان يرسم الخطط القومية بغية إحداث قفزة نوعية في
اقتصادها والرفع من مستوى شعوبها وبما أن التربية رائدة دوما وغدت
تنسيق تنمية وتهيئ لها لأنها تكون الطاقات البشرية التي تنهض بالتنمية
فإن التخطيط التربوي أصبح المسار الحتمي لأي منظومة تربوية تسعى
إلى النجاح والرقي بأمتها. وبما أن الإنسان هو ركيزة التنمية وهو المحرك
والمنتج وسيبقى العنصر البشري هو العنصر المؤثر الفعال في تحقيق
أهداف المجتمع نحو التنمية الشاملة ولذا كان لزاما أن يكون التخطيط
التربوي الذي مهمته بالدرجة الأولى تكوين الإنسان، هو المرشد الأول
والبنية الأساسية في أي مخطط وطني للتنمية. وعندما نتصدى لمناقشة
التخطيط التربوي باعتباره نظاما مميزا له جوانبه الفنية الخاصة به، فإنه
يضعنا أمام قضايا تربوية تتعلق بالسلم التعليمي ونظام الإدارة المدرسية
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 8
التي هي حجر الأساس، في أي إصلاح للمنظومة التربوية والمناهج
والوسائل المعنية عن طرق التدريس المستحدثة وإعداد المعلمين وتدريبهم
ونظام الاختبارات والامتحانات وقواعد قبول التلاميذ وانتقالهم وتكرارهم
للسنة وتنظيم اليوم الدراسي والحجم الساعي وطرق التوجيه إلى آخر
المكونات الخاصة بالنظام التربوي.
ولكون التربية نظاما تابعا فإننا نبدأ رغم ذلك مؤكدين على أن عملية التعليم
هي الأساس وراء كل عمليات التنمية في كل المجالات من حيث أن
عناصر الإنتاج من حيث أن عناصر الإنتاج المختلفة لا يمكن التحكم فيها
لتأتي بثمارها إلا عن طريق العنصر البشري و أن لا يستثمر المال
والآلات ومصادر الطبيعة إلا من خلال المعرفة والمهارات التي يتولى
التعليم ومؤسساته تزويد خريجيه بها وفق تخطيط يتنبأ بالمستقبل ويتشرف
المنتظرات لنبني عليها خطواته ومعالم مخططه. ولا شك أن استخدام
مدخل القوى العاملة للتخطيط كأساس للربط بين النظام التربوي واحتياجات
التنمية الشاملة من القوى البشرية المدربة- ذو أهمية لأنه بواسطة ذلك
نصنف المهن وما تتطلبه من كفاءات لنخطط لتحضيرها لشغل تلك
الوظائف في جميع الميادين.
وعلى ضوء ما سبق يتضح أن التخطيط هو الأسلوب الأمثل لتحقيق التنمية
في أي مجال وبعد مصطلح التنمية الشاملة هو المصطلح الرئيسي الذي
8 التخطيط التربوي المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 9
تفرعت عنه كل أنواع التنمية، فإن تخطيط التربية وتنميتها لا يمكن أن يتم
إلا في إطار التخطيط الشامل لأي دولة.
فمن المعروف أن التربية بمراحلها ومستوياتها وأنماطها المختلفة أصبحت
ضرورة تفرضها متطلبات التنمية الشاملة، من حيث كونها استثمارا له
مردوده الاقتصادي الاجتماعي، لذلك فإنها أصبحت أحد العوامل الحاسمة
في نجاح أي تنمية بل أصبح تخطيط أي مجتمع لا يتم من خلال التربية
حيث تهدف التربية من ما تهدف إلى تنشيط المجتمع بشكل يجعله قادرا
على تأمين حاجات أفراده من خلال الاستغلال الأمثل لثرواته الطبيعية
والرقي بالمجتمع والتطلع نحو الأحسن والطموح في رتب متقدمة بين
الأمم.
تابع
2 مراجع المواضيع 1 المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية 7
المراجع
1) التخطيط التربوي (عملياته - مداخله) - تأليف الدكتور: فاروق شوقي البوهي.
2) تخطيط التعليم و اقتصادياته. - تأليف الدكتور: محمد منير مرسي.
3) التخطيط التربوي - تأليفه أحمد محمد الطبيب.
4) الإدارة العامة المبادئ والتطبيق تأليف الدكتورين: محمد سعيد عبد الفتاح ومحمد فريد
الصحن.
5) وثائق المنظمة العالمية للثقافة والفنون والتربية اليونسكو.
تابع