عادت وزارة التربية الوطنية الموظفين الراغبين في الترشح لمسابقات المفتشين إلى عهد الحزب الواحد، من خلال طرح أسئلة في استمارة الترشح، تخص العضوية في جيش التحرير الوطني، والمشاركة في ''نشاطات الحزب'' من عدمه، بما يخرق الدستور الجزائري.
حددت مصلحة المستخدمين لمديرية التربية لوسط الجزائر العاصمة، مجموعة من الأسئلة ''الإجبارية'' على المترشحين في مناصب المفتشين ومدراء المؤسسات التربوية، في ''استمارة التسجيل في قائمة التأهيل لرتبة مفتش''، تخص ''المشاركة السياسية من عدمها''.
وحسب الوثيقة التي تحوز عليها ''الخبر''، فإن المديرية خرقت بشكل واضح الدستور. وتضم الوثيقة، التي تحمل ختم المديرية مجموعة من الأسئلة أبرزها ''هل لكم صفة العضوية في جيش التحرير الوطني أو المنظمة المدنية ''جبهة التحرير الوطني؟''، و''هل أنتم ابن أو بنت أو أرملة شهيد؟''. والغريب في الأمر أن السؤال الأول لا علاقة له بقطاع التربية، بدليل أن من هو منخرط في جبهة التحرير الوطني يكون في سن السبعين أو أحيل على التقاعد، ما يعني عدم جدوى طرح سؤال كهذا تجاوزه الزمن.
كما تستفسر مصلحة المستخدمين، في نفس الاستمارة، عن تأطير العملية الانتخابية من خلال طرح سؤال: ''هل تؤدون أو أديتهم مهام انتخابية؟''، ويتبعها سؤال ''في حالة التأييد أذكر المهام؟''، ولا معنى لهذا السؤال الذي لا يقدم أي إضافة، كون أن الموظف إن شارك في تأطير عملية انتخابية في مركز اقتراع، لا يضيف ولا يقدم شيئا في العملية التربوية أصلا.
ويأتي في آخر المطاف سؤالان أولهما: ''هل تشاركون في نشاطات الحزب؟''، و''هل تشاركون في نشاطات المنظمات الأخرى؟''. ويطرح السؤال ما قبل الأخير، والذي يتضمن كلمة ''الحزب'' بالألف واللام، سياقا مغايرا للوقت الحالي، كونه يشير صراحة إلى عهد الحزب الواحد.
وحاولت ''الخبر'' الاتصال بمدير التربية لوسط الجزائر العاصمة، لمعرفة رأيه في الموضوع لكن ذلك تعذر علينا. كما تم الاتصال بعدد من مديري التربية الوطنية في كل من المدية ووهران وأم البواقي، وتبين بأن هذه الاستمارة لا يتم العمل بها على مستواهم.
ونبهت نقابات قطاع التربية المستقلة إلى خطورة الأمر. وقال المكلف بالإعلام بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين مسعود عمراوي: ''إن الهدف من وراء هذه الأسئلة هو انتقاء مناضلين في حزب معين''. وأضاف المتحدث ''كان أولى لواضع الأسئلة أن تكون هناك أسئلة تربوية محضة، نظرا للمهام التربوية التي ستسند للمفتش الناجح''. الأكثر من هذا كله، فإن مثل هذه الأسئلة لا تجعل الممتحن يجيب أجوبة صحيحة، لأنه يدرك مسبقا أبعادها والهدف من ورائها. وختم مسعود عمراوي ''نطالب المشرفين على وضع الأسئلة بانتقاء أسئلة تكون في مستوى نوع المسابقة''.
من جهته، أوضح رئيس المجلس الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي ''سناباست''، مزيان مريان، أن هذه الأسئلة مستوحاة من ''المراسيم والقوانين التي كان يعمل بها في عهد الحزب الواحد''. وأضاف مستغربا ''من يحررون مثل هذه الاستمارات، لا ندري ما الذي يفعلونه في مؤسسات التربية''. وتابع إن ''هذه المواد تجاوزها الزمن، وتتناقض مع الدستور الجزائري''.
ويرى رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، الأستاذ بوجمعة غشير، أن ''المشاركة في مسابقة أو امتحان يرتكز أساسا على التحصيل العلمي، ومدى قدرة الإجابة على الأسئلة العلمية، أما الأسئلة الشخصية فلا علاقة لها بذلك''. وتابع المتحدث ''إنها تشكل تمييزا، من خلال تحديد الانتماء لحزب أو منظمة ما''. ووصف مثل هذا الأمر بـ''غير القانوني''.